يُعد الاستثمار في الأسهم وسيلة مهمة لتنمية المدخرات وتحقيق عوائد مالية. إذا كنت مهتمًا بشراء الأسهم في السوق المغربي وتتساءل عن إمكانية القيام بذلك عبر البنك الشعبي، فإن هذا المقال سيقدم لك دليلاً مفصلاً حول هذه العملية، مع استعراض الخطوات المتبعة، والمميزات والعيوب، بالإضافة إلى دور البنك الشعبي كلاعب رئيسي في بورصة الدار البيضاء.
دور البنك الشعبي في سوق الأسهم المغربي
يُصنف البنك الشعبي المركزي (BCP) كأحد الفاعلين المهمين في سوق الأسهم المغربي. وتُظهر بيانات السوق أن مجموعة البنك الشعبي المركزي تتصدر قائمة الشركات التي تقوم بعمليات شراء وبيع الأسهم في إطار برامج إعادة شراء الأسهم وعقود السيولة. على سبيل المثال، في يناير 2025، قامت المجموعة بشراء أكثر من مليون سهم (1,000,071 سهماً) بمتوسط سعر 284.40 درهماً، بينما باعت 42,544 سهماً بمتوسط سعر 283.74 درهماً، ليبلغ إجمالي الأسهم التي بحوزتها 1,136,340 سهماً بنهاية الشهر. تُشير هذه التحركات إلى الديناميكية المستمرة للبنك في السوق، وسعيه لتحسين قيمة أسهمه وتعزيز سيولته [6، 7].
كيفية شراء الأسهم عن طريق البنك الشعبي
للبدء في شراء الأسهم من خلال البنك الشعبي، هناك خطوات محددة يجب اتباعها:
- امتلاك حساب جاري: كخطوة أولية وأساسية، يجب أن تمتلك حساباً جارياً لدى البنك الشعبي.
- فتح حساب استثماري: بعد امتلاكك للحساب الجاري، ستحتاج إلى زيارة أحد فروع البنك الشعبي لفتح حساب استثماري مخصص لتداول الأسهم. تُعد هذه الخطوة ضرورية للدخول إلى عالم البورصة. سيتطلب ذلك تقديم الأوراق الثبوتية اللازمة، مثل بطاقة التعريف الوطنية (CIN).
- تحويل الأموال: بمجرد فتح الحساب الاستثماري، يمكنك تحويل الأموال أو رأس المال من حسابك الجاري إلى هذا الحساب المخصص للاستثمار.
- إصدار أوامر الشراء: بعد ذلك، يمكنك البدء في إصدار أوامر شراء الأسهم التي تختارها بناءً على تحليلاتك للسوق.
نقطة مهمة حول التداول عبر البنك الشعبي: على الرغم من أن البنك الشعبي يقدم خدمة "البورصة الإلكترونية" (BP Bourse) عبر الإنترنت، والتي تهدف إلى تمكين العملاء من إصدار أوامرهم إلى بورصة الدار البيضاء في الوقت المناسب، إلا أن المصادر تُشير إلى أن شراء أو بيع الأسهم مباشرة من منزلك عبر تطبيق أو منصة إلكترونية للبنك الشعبي قد لا يكون متاحاً للعملاء الأفراد. بدلاً من ذلك، قد يتطلب الأمر زيارة الفرع لإتمام هذه العمليات، فيما يُعرف بـ "الطريقة البلدية" أو التقليدية للتداول عبر البنوك. هذا يعني أن "البورصة الإلكترونية" قد تكون منصة لإصدار الأوامر والمعلومات وليس بالضرورة منصة تداول مباشرة من المنزل.
مميزات وعيوب شراء الأسهم عن طريق البنوك (بما في ذلك البنك الشعبي)
يُقدم شراء الأسهم عبر البنوك بعض الجوانب الإيجابية والسلبية التي يجب معرفتها:
المميزات:
- الأمان والحماية: يُعتبر التعامل المباشر مع البنك عاملاً يعزز الشعور بـالأمان والحماية لاستثماراتك، حيث يتحمل البنك مسؤولية التأكد من أن شركات الوساطة التي قد يتعاون معها آمنة ومرخصة.
- سهولة تحويل الأموال: يمكنك تحويل الأموال بسرعة بين حسابك الجاري والاستثماري والعكس، مما يسهل عملية السيولة.
العيوب:
- العمولات المرتفعة: غالبًا ما تكون العمولات المفروضة على عمليات شراء الأسهم عن طريق البنوك أعلى مقارنة بشركات التداول المتخصصة.
- خيارات محدودة من الأصول: قد تكون خيارات الأسهم والأصول المالية المتاحة للتداول عبر البنوك أقل مقارنة بمنصات التداول الأخرى. فالبنوك لا تُتيح غالبًا تداول عقود الفروقات (CFDs) أو العملات الرقمية أو السلع والمعادن الثمينة أو الفوركس.
- عدم توفر خدمات إضافية: لا تُوفر البنوك غالبًا خاصية مدير الحسابات الشخصي أو مدراء الثروات، كما أنها لا تقدم حوافز (بونص) لمالكي الحسابات الاستثمارية لأن البنك ليس صانع سوق حقيقي.
- قيود جغرافية: غالبًا ما تكون خدمات شراء الأسهم عن طريق البنوك متاحة للمواطنين والمقيمين في البلد الذي يقع فيه البنك. قد يتعرض الحساب الاستثماري للتعليق أو الإغلاق التام حال مغادرة البلاد لفترات طويلة.
- تحديد ساعات التداول: على عكس شركات التداول التي قد تتيح التداول دون توقف، تخضع البنوك لعطلات نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية.
- عدم توفر الحسابات الإسلامية: أغلب البنوك لا تقدم خيار حساب التداول الإسلامي، الذي يعتمد على الخلو من الفوائد والعمولات الربوية.
- تعقيد الإجراءات: قد تتسم آلية شراء وبيع الأسهم عن طريق البنك بقدر من التعقيد مقارنة بآليات التداول عبر شركات الوساطة المالية، وذلك لتعدد الخطوات الاستباقية المطلوبة.
مقارنة بالبدائل: شركات التداول المرخصة
بناءً على العيوب المذكورة، تُشير المصادر إلى أن شركات التداول المرخصة تُعد بديلاً أفضل لاستثمار الأسهم مقارنة بالبنوك. تُقدم هذه الشركات مجموعة واسعة من الأصول المالية، وعمولات منخفضة (أو بدون عمولة لدى بعض الشركات)، وخدمات تعليمية، ومدراء حسابات شخصيين، وإمكانية التداول دون توقف، وخيار الحسابات الإسلامية، فضلاً عن كونها مرخصة من هيئات رقابية دولية كبرى.
إدارة مخاطر الاستثمار في الأسهم
بغض النظر عن كيفية شراء الأسهم، فإن الاستثمار فيها ينطوي على مخاطر يجب فهمها وإدارتها. من أبرز هذه المخاطر: تقلبات السوق، مخاطر أسعار الفائدة، مخاطر أداء الشركات، نقص السيولة، وتقلبات أسعار الصرف.
لإدارة هذه المخاطر وتقليلها، يُنصح بما يلي:
- فهم الاستثمار جيدًا: إجراء تحليل دقيق للبيانات المالية للشركة وتقييم إمكاناتها المستقبلية.
- تنويع المحفظة الاستثمارية: توزيع الاستثمارات على قطاعات وأصول مالية مختلفة لتقليل الأثر السلبي لتراجع سهم واحد.
- التحكم بالعواطف: تجنب القرارات المتسرعة القائمة على الخوف أو الطمع.
- تحديد مستوى تحمل المخاطر: الاستثمار بما يتناسب مع وضعك المالي وأهدافك، وعدم المخاطرة بأكثر مما يمكنك تحمل خسارته.
- الاستثمار طويل الأجل: غالبًا ما يكون أكثر استقرارًا من المضاربة اليومية.
- الاستفادة من أدوات التحليل الفني: التي تساعد في التنبؤ بحركة الأسعار المستقبلية والحد من المخاطر.
في الختام، على الرغم من أن البنك الشعبي يُعد جهة فاعلة في السوق المالي المغربي ويُتيح خدمة شراء الأسهم، إلا أنه من المهم فهم آليات عمله والقيود التي قد يفرضها على المستثمرين الأفراد، خاصة فيما يتعلق بالتداول الإلكتروني المباشر من المنزل، ومقارنة ذلك بالبدائل الأخرى المتاحة في السوق.